Posts

Showing posts from 2015

الحيوان

لم يكن كابتن سيد السبع، اقدم أعضاء السيرك، حاضرا في الإجتماع الطارىء الذي قام به المدير. ورغم أن الكابتن هو مدرب الأسد غضنفر الذي تسبب مرضه المفاجيء بأزمة حقيقية لكل العاملين بالسيرك، إلا إنه كان آخر العالمين بأمر المدير لحل الأزمة. مرض غضنفر المفاجىء حل عليه قبل يوم واحد من بدىء العرض الأهم للسيرك في آخر عدد من السنوات. فبعد أن فقد السيرك المتنقل رونقه وسمعته، سواء بسبب تكرار العروض القليلة أصلا، أو بسبب استمرار نقص العارضين على مر الأيام واعتذارهم لأي سبب كان، خاصة لكبر السن، أو بدون أسباب أصلا لمجرد أنه صار موضة اقترنت بزمن فات؛ جائت فرصة محاولة احيائه من جديد بعد أن استقبل المدير هاتفا يعلمه أن قناة تليفزيونية مغمورة تود أن تنتج فيلما وثائقيا عن السيرك وتاريخه الذي لم يعش منه إلا غضنفر وكابتن سيد. بالإضافة إلى عدد قليل من عارضي الأكروبات الصغيرين والمتناوبين بخبراتهم القليلة على السيرك وأهله. وكان مهم جدا أن تصور القناة أحد العروض لا سيما وأن غضنفر سيكون موجودا وهو الأسد الذي انتزع بزئيره ساعات من التصفيق أيام العز. لم يود المدير تأجيل التصوير ولا العرض، خشى ألا تأتي ال

المغناطيس

استيقظ ثقيلا من نومته القصيرة.. جمّع اعضائه كما يجمع أوراق عمله ليضعها في الحقيبة الجلدية المنهكة و النحيفة كصاحبها. أخذ يحرك كل مفصل و عضلة مستصعبا إلى أن دار جسده و انطلق متميكننا صوب مقر عمله. كان يوميا يسير و كأنه قطعة حديد صدأة تنجذب الى المغناطيس، تنجذب دون مقاومة و لا إرادة و لا رغبة لديها في الرجوع، و هو مسمط الملامح تماما مثلها. يجمع ما يجمع من مال في بداية كل شهر.. و يقتطع منه ما يكفيه لذهابه لعمله بقية الشهر، الوظيفة التي كف عن سؤال نفسه عن جدوتها منذ زمن لا يشعر به. يعمل، فيأخذ مالا يستقلّه يوم في إثر يوم متجها به لعمله حتى يُفلس، ثم يعمل فيأخذ مالا يستقلّه متجها لعمله من جديد حتى تبيّض جيوبه.. تماما كالكولونيل أوريليانو بوينديا في مائة عام من العزلة. كان صائغ بارع يصوغ من الذهب أسماكه الذهبية التي اشتهر بها في قرية ماكوندو.. يقضي ساعات في مختبر والده يشكل المعدن فيخلق قطع من التحف الأخاذة، و ما ان ينتهي حتى يأخذ الأسماك الذهبية الصغيرة و يصهرها فتعود عجينة صفراء بلا شكل، فيبدأ من جديد في تقطيعها و تشكيلها فتكوِّن أسماك جدد، تعيش لدقائق متفردة، قبل أن تجتمع في القارورة لتف

أنت بالذات

أنت بالذات.. أنت لستُ أنا و لا أنا أنت و لو تطابقت شهواتنا و غرائزنا و المُجلِبات للملذات. أنت بالذات.. أنت ذاتٌ مستقلةٌ بذاتها تختلف عَنّي في ما تقدر و فيما وُهِبت.. لن تماثلني و لن أماثلك و لو عشنا ضعف حياتنا حَيَوات. أنت بالذات.. أنت أصل، لا نسخة و لا صورة و لا انعكاس و لا اقتباس و لا اختلاس و لا مُحاكاة. أنت بالذات.. تنقصني في كمالي و أنقصك في كمالك ولولا النُقصان لما بانت صُوَرنا الناقصة بتفرُدِها إن اجتَمَعَت، كامِلات.

The False Reality

Have you ever spent nights in your locked room imagining perfect scenarios like laughing out loud with your favorites, fighting with the one you love before forgiving and apologizing, feeling the pride after an outrageous success and getting the congratulations from some specific people, or even imagining some depressing situation that you would actually start feeling the emotional and physical ache that it caused, before starting to share it with the friend that only you are seeing at that instant? You shout, you laugh, you scream, you cry, you jump, you run--suddenly you stumble upon your reflection in the mirror and stop. You stop at the sight of your own reflection and no one else is there to attract your pupils away. You wish, but no one exists other than the self which you doubt the existence of. It's vacancy, it's the emptiness inside you that needed to be filled. You were testing if you were still able to feel. And when your insides realised you filled it with ghosts,

تشابه أسماء

كان جالسا على الأريكة هادئا مؤدبا تحت ابط والده. يحرك قدميه الخارجة من بنطاله القصير في الهواء. يبتسم كلما أشار أحد والديه إليه و تحدث بفخر عن أخلاقه و تفوقه و أنه كل عام يجب أن يكون الأول على صفه الدراسي. يشكر كل من يبارك له و ينظر في خجل و امتنان الى الهدايا المقدمة. وسط التجمع و الضوضاء الصغيرة، انعزل عن العائلة و الحضور و الهدايا برأسه و صب كل تركيزه على غرفة المكتب المواجهة فور أن دخلها جده، و ترك بابها مفتوحا شيئا. كان يحرك الهواء الباب قليلا، فتزداد بداخله مشاعر الحماس التي يكبتها احتراما لتعاليم الأهل و للتجمع الصغير حتى لو كان احتفالا به و بنجاحه. يسمع في اذنه صوت طبول السيرك تتسارع دقاتها و يرتعش معها قلبه و أنفاسه. يحرك عينيه محاولا الوصول للداخل، يسمع صوت الدرج يفتح فيحرك رأسه و يمد عنقه محاولا رؤية الهدية الأهم من أكثر من يحب في عائلته. سمع خطوات جده تقترب فتصنع الهدوء و الثبات ثانية، ثم انتفض من مكانه و قفز متجها إلى الغرفة فور أن سمع النداء من داخلها: تعالى يا حمزة. فتح الباب على آخره و وقف أمام المكتب، و تبعه بقية الأفراد وقوفا خلفه منتظرين هدية العام. هرول حمز

الدور العشرين

صالح، شاب ريفي بسيط في بداية عقده الثالث.. أتى إلى القاهرة كحال الملايين من أبناء قريته و كل القرى بحثا عن فرصة عمل و عيش في المدينة الأحلام كما صورتها لهم أفلام الخمسينات و صور الجرائد. و رغم دخولنا في العقد الثاني من الألفية الثالثة، و تبدل الأمور و ابتعاد القاهرة عن أي وصف قد يقاربها مما كانت عليه قبلا كقطعة من أوروبا. إلا أن هيبة العاصمة ظلت موجودة في وجدان القرويين، لا سيما من حاول منهم السفر للعمل خارج البلاد برمتها و فشل. و مع ازدياد الأحوال في القرى المنبوذة سوئا، صار لا ملاذ لصالح و رفقائه إلا القاهرة. صالح بملامحه البسيطة و جسده النحيل. لم يجد بمؤهل الدبلوم أي شغل مأمول، فارتضى أن يعمل بين الأكابر و أولاد الأغنياء بشكل مؤقت كعامل مصعد في أحد الأبراج السكنية في المعادي ذات الحرس الخاص و المدخل الرخامي الفاره. عينه صاحب العمارة بعدما أضطر لتغيير المصعد القديم المتهالك، بواحد فضي جديد يشبه كثيرا ذلك الذي يكون في المستشفيات في حجمه الكبير و اتساعه. كان صالحا لا يجد ما يفعله إلا الضغط على الزر الذي يؤمر به. لا مجال للكلام أو الحديث مع السكان، ما أتته الجرأة أصلا. لا يترك