الرحلة
- Get link
- Other Apps
هي رحلة طويلة وجد نفسه يرتحلها. لا يعلم كيف بدأت ولا أين كان قبلها. فقط، يسمع مِن مَن سبقوه عن اليوم الذي انضم إليهم فيه.. يحكون له عن أول يوم رحبوا به في عالمهم الغامض، عن اليوم الذي لا يذكره و لا يذكر ما سبقه من أيام ان كانت هناك أيام. يحكون له عن أول خطوة خطاها معهم و مع القطيع الضخم، متجهين جمعا في الإتجاه الواحد. يحكون له عن يوم ميلاده بينهم..
لكن لا أحد منهم يعلم ما هو سبب الرحلة، ما هو سبب وجودهم في هذا الخلاء اللا نهائي، ما هو سبب الوجود.. و لا إلى أين يؤدي طريق الترحال ذو الدفة التي أبدا لا تحيد.
استمر المسير لمدد لا يعرفها، و طال عليه السفر بينهم حتى اعتاده..
رآى واحدا تلو الآخر ينحرف عن القطيع مودعا، متوحدا. رآه يذهب قبل أن يذوب و يكون جزءً من رمل الأرض. يذهب و يُلاحظ بعدها وجود من استبدله من طفل صغير، آت يحل محل الراحل لكي تستمر الرحله، لكي يستمر الزحف.. و مع كل راحل، يزداد يقينا بأن تلك الرحلة المجنونة غير محددة المدة و لا المسافة؛ نهائية، لكن غير محددة.. أو غير مسموح للمرتحل معرفة حدودها. و أن كل من أتى وحيدا يذهب كما جاء وحيدا، و أن المرتحلين مهمتهم فقط تهوين وحشة الطريق على بعضهم البعض. و مع ذلك.. و مع استمراره في التقدم نحو اليقين الذي يجهله، يزداد شكا في المصير بعد المسير، يزداد تقطعا بين السؤال: هل تنتهي الرحلة برمتها حين أودعهم و أذوب؟ أم تنتهي هنا قبل أن أنتقل لعالم مغاير لا أره و لا يروه؟.. ان تنتهي دون امتداد، فلماذا بدأت؟ و ان امتدت لتستمر دون انتهاء في مكان مغاير أقل حيرة و أكثر واقعية، مكان ننتمى له، فلماذا جئنا غرباء على عالم لا نعرفه و لا يعرفنا؟ لماذا طال علينا الزمن فيه حتى بدى و كأن لا شيء بعد الرحلة و ما كان هناك شيء قبلها.. لماذا طالت حتى آمنا أنه لا يوجد إلا طريقها؟..
و ما سواه عدم.
- Get link
- Other Apps