الحيوان

لم يكن كابتن سيد السبع، اقدم أعضاء السيرك، حاضرا في الإجتماع الطارىء الذي قام به المدير. ورغم أن الكابتن هو مدرب الأسد غضنفر الذي تسبب مرضه المفاجيء بأزمة حقيقية لكل العاملين بالسيرك، إلا إنه كان آخر العالمين بأمر المدير لحل الأزمة. مرض غضنفر المفاجىء حل عليه قبل يوم واحد من بدىء العرض الأهم للسيرك في آخر عدد من السنوات. فبعد أن فقد السيرك المتنقل رونقه وسمعته، سواء بسبب تكرار العروض القليلة أصلا، أو بسبب استمرار نقص العارضين على مر الأيام واعتذارهم لأي سبب كان، خاصة لكبر السن، أو بدون أسباب أصلا لمجرد أنه صار موضة اقترنت بزمن فات؛ جائت فرصة محاولة احيائه من جديد بعد أن استقبل المدير هاتفا يعلمه أن قناة تليفزيونية مغمورة تود أن تنتج فيلما وثائقيا عن السيرك وتاريخه الذي لم يعش منه إلا غضنفر وكابتن سيد. بالإضافة إلى عدد قليل من عارضي الأكروبات الصغيرين والمتناوبين بخبراتهم القليلة على السيرك وأهله. وكان مهم جدا أن تصور القناة أحد العروض لا سيما وأن غضنفر سيكون موجودا وهو الأسد الذي انتزع بزئيره ساعات من التصفيق أيام العز. لم يود المدير تأجيل التصوير ولا العرض، خشى ألا تأتي ال

أو هكذا ظنت

كانت تحاول ان تمنع نظراتها من الهروب إلى وجهه.. توقف حدقيتها من الانجذاب اللا إرادي لعينيه، لكن لا مانع من اختلاس واحدة سريعة.. واحدة فقط.. أو هكذا تُمني نفسها، لفحص ملامحه لقراءة لغة جسده.. بماذا سيجيب، كيف سيقولها؟.. تخفي توترها وراء ابتسامة مصطنعة تحاول ان تسكت بها ضربات طبول قلبها، و رعشة قدمها اليسري.. سؤال القته احدى صديقاتهم موجها له.. كانت ابتسامته كفيلة بالرد عن لسانه و خدودها المتوردة تنتظر بشغف سماعها، حاول تصنع الهدوء، أو هكذا ظنت.. كان هادئا بالفعل، لكن هذا لم يمنع حقيقة انه تفاجأ بالسؤال. هي، كانت تأهب خنسرها لملامسة اصبعه و أحتضانه خلسة دون ان يلاحظ أحد من الحضور، فقط ضمة سريعة "تحت الترابيزة" و يعود.. ما زاد من توترها صمته الذي طال، و كأنه سيقولها صراحة دون تلميح، في وجهها، و أمام الجميع.. ممكن؟!.. لا، تكبح جماح خيالها باستبعاد تلك الأماني أو بالكذب على نفسها بأنها تستبعدهم.. ممكن، لكن ليس الآن، ربما لاحقا، ربما الليلة، ربما غدا، ربما لا يملك الجرأة لفعلها أمامهم، ربما محرج أو يخشى إحراجها. ماذا لو لم..! لا لا.. و آلاف من الأفكار تثير صداع في رأسها، صداع لذيذ، فكلها خيالات تموت شوقا لرؤيتها تتحقق.. تمر الثواني عليها ساعات فتتزاحم الأفكار و تتكاثر، و تزداد الحركة بطئً و تخفت الأصوات و تسكن إلا صوت أنفاسه الواثقة.. تحركت شفتاه و همت بالرد، اتسعت عينها، ها هو يوشك على تأكيد ما تشعر به، و يؤجج مشاعرها أكثر نحوه، انقبض قلبها و استعد للقفز فرحا.. قبل أن: "لأ، مافيش حد".. توقف الزمن، ارتفع حاجبيها و اتجهت أعينها للاشيء، فهي لا ترى أي شيء، هبطت أمانيها متحطمة على رأسها، محدثة دوي انفجار و صافرة لا تسمعها إلا أذنها، و انغرست شظايا كسرها في قلبها الذي أصابته شيخوخة مفاجأة بعد ان كان يهم بالقفز من بين ثنايا صدرها.. هدوءه أكد لها صدقه، لم يكن متوترا و لم يكذب فهي تعرفه جيدا، أو هكذا اعتقدت.. و إلا ما انسحب خنسرها بهدوء محتميا بقبضتها الواهنة، المصدومة..

أحمد فرغلي
17/2/2013

Popular posts from this blog

الدور العشرين

من الزهور للجذور 4: بميعاد مسبق

على الجانب الآخر