الحيوان

لم يكن كابتن سيد السبع، اقدم أعضاء السيرك، حاضرا في الإجتماع الطارىء الذي قام به المدير. ورغم أن الكابتن هو مدرب الأسد غضنفر الذي تسبب مرضه المفاجيء بأزمة حقيقية لكل العاملين بالسيرك، إلا إنه كان آخر العالمين بأمر المدير لحل الأزمة. مرض غضنفر المفاجىء حل عليه قبل يوم واحد من بدىء العرض الأهم للسيرك في آخر عدد من السنوات. فبعد أن فقد السيرك المتنقل رونقه وسمعته، سواء بسبب تكرار العروض القليلة أصلا، أو بسبب استمرار نقص العارضين على مر الأيام واعتذارهم لأي سبب كان، خاصة لكبر السن، أو بدون أسباب أصلا لمجرد أنه صار موضة اقترنت بزمن فات؛ جائت فرصة محاولة احيائه من جديد بعد أن استقبل المدير هاتفا يعلمه أن قناة تليفزيونية مغمورة تود أن تنتج فيلما وثائقيا عن السيرك وتاريخه الذي لم يعش منه إلا غضنفر وكابتن سيد. بالإضافة إلى عدد قليل من عارضي الأكروبات الصغيرين والمتناوبين بخبراتهم القليلة على السيرك وأهله. وكان مهم جدا أن تصور القناة أحد العروض لا سيما وأن غضنفر سيكون موجودا وهو الأسد الذي انتزع بزئيره ساعات من التصفيق أيام العز. لم يود المدير تأجيل التصوير ولا العرض، خشى ألا تأتي ال

من الزهور للجذور 1: عيد سعيد

ملحوظة: السلسلة دي بدأت في كتابتها في مارس 2011 وقت حالة الاستثارة و الثورة الي كنا فيها و زحمة الأفكار و الحماس.. وقفت في منتصف فترة حكم المجلس العسكري في أغسطس من نفس السنة بعد عشر حلقات كنت اتمنى ان نهايتهم تكون سعيدة كما كلنا آملنا أن تكون نهاية ثورتنا الشريفة سعيدة.. بس الوضع الدموي طوّل و كان بين انه أبدي، فكانش ليه لازمة اني أكمل لأني ماكنتش هاخلص.. 

لم يتم مراجعة أي من الحلقات. على وضعهم من 3 سنين لما كنت طالب في سنة تانية كلية.


أقترب انتصاف الليل, الشوارع تملأها الحياة دون أزدحام, الكنائس ممتلئة بالمحتفلين و الأنظار تتجه الى الساعات في أنتظار ان تعلن عقاربها عن انتهاء عام  و بداية آخر.ثوان و يبدأ العام الجديد, الأناشيد و التراتيل في الكنيسة بدأت تلاوتها لأعلان بدأ الأحتفال, القلوب تملأها النشوة و المكان يملأه الأمل في عام جديد أفضل حالا من العام المنصرم. دقت الثانية عشرة, و بدأت التهاني, الكل يصافح بعضه الآخر مرددين (كل سنة و أنت طيب). فجأة قطع همهمات التهاني صمت, سبقه سماع لدوي أنفجار شديد و هزة مفزعة, الجميع يشعر بسماع صفير و كأنما تصدره آذانهم و وجوههم مصدومة بلا ملامح تعكس شعورهم بالصدمة غير السكون. شعر الجميع بالأنقباض و أحس كل فرد أنه للحظة في عالم آخر غير اللذي عهده, و أن ما بين سماعه للأنفجار و استعابه ما حدث زمن طويل, و هو في الواقع أقل من لحظة. ما ان أستعاب الجميع شعور الخوف حتى أنطلقت الصرخات, و بدأوا الجري في كل الأتجاهات باحثين عن باب الكنيسة و صوت في الميكروفون ينادي (أهدوا يا جماعة مافيش حاجة, خير) و الكل يحاول الفرار.قبل الكنيسة ببضعة أمتار, سيارة متفحمة و السنة نارية صغيرة في أجزاء متفرقة بها, اجزاء منها تطايرت بعيدا و انتشرت, و انتشرت معها دماء و اشلاء تناثرت أمام الكنيسة و امام المسجد المقابل لها. الجثث في أماكن متفرقة, و من سلم يبحث عن ذويه ليطمئن عليه. تعالت أصوات البكاء و تبدلت مشاعرالأمل بالخوف, و تبدل الغناء بالصراخ, و لطخت الأنوار الدماء, لتستهل مصر عامها الجديد بحادث اشتهر بتفجير الاسكندرية.

*****

مصر كلها تتحدث عن كنيسة الأسكندرية...سرعان ما انتشر الخبر, و انتشرت معه عبارات التعازي و الأقاويل المأثورة بأن شيء لن يعصف بوحدة قطبي مصر, و أن اهلها في رباط الى يوم الدين. تحولت الكثير من ال(ستايوسس) على (فيس بوك) الى آيات قرآنية و أحاديث تدل على سماحة الإسلام و كثير من وصايا الرسول و واجبات المسملين تجاه اهل الكتاب بوجه عام و مسيحي مصر بوجه خاص. و فسر الكثير ان من قام بالتفجير ليس صاحب أي دين, و انما هو دخيل مدفوع لقسم ظهر مصر, بينما رفض آخرون اقحام الأسلام في الوقعة, و رأوا ان دينهم ليس متهم من الأساس و انهم لن يستخدموا آيات في تبرئة دينهم و أنفسهم خوفا من أن يشار اليهم فقط لأنهم مسلمون, فقدموا تعازيهم دون ادخال الدين بأي شكل. و تبدلت الصور الشخصية بصور تضع الصليب في قلب الهلال, تقابل المسجد بالكنيسة و أخرى تضم الشيخ بالقس. لم تختلف الاعلانات سواء في الشوارع او الجرائد,  التلفزيون و الراديو يذيعان الأغاني الوطنية و الأغاني التي سُجلت للحادث.ظل الحال كما هو ل14 يوم, الصور و الأغاني و الآيات و الأحاديث, و كل يوم فيديو جديد يصور الحادث, و صور جديدة للضحايا,  و أرقام تتزايد عن أعدادهم...ثم حدث ما صرف الأنظار عن مصر, حتى المصريين أنفسهم أتجهت انظارهم غربا خارج الحدود, و تبدلت صور الهلال والصليب, بالهلال و النجم.

أحمد فرغلي

12/3/2011

Popular posts from this blog

الدور العشرين

من الزهور للجذور 4: بميعاد مسبق

على الجانب الآخر